د. حسن حسون لـ “أحوال”: أرقام الإصابات في لبنان أعلى من المعلن وأعمار المصابين تستدعي الهلع
-الأطفال لا ينقلون العدوى ونعم لفتح المدارس
الوضع في لبنان ليس مطمئناً، كورونا تفشّى وأصبح على أعتاب بيوتنا، ولم يعد ثمّة إمكانيّة لاحتوائه.
أكثر من ألف إصابة يومياً لا تعكس حجم الإصابات الفعليّة، إذ ثمّة مصابين من دون عوارض، وثمّة مصابين شفيوا دون أن يعلموا أنّهم أصيبوا أصلاً.
المقلق في الموجة الجديدة من كورونا، أنّ ضحاياها ليسوا من كبار السّن والمرضى فحسب كما كان يعتقد الناس في بداية الجّائحة، فالشباب اليوم في مرمى الوباء، وبعضهم هزمه الفيروس.
-ضحية في الـ25 من عمرها
هذا الأسبوع، ضجّ البلد بخبر وفاة صبيّة في الـ25 من عمرها لم تكن تشكو من أي عارض صحّي، بعد إصابتها بفيروس كورونا، الأمر الذي أثار هلعاً بين اللبنانيين، خصوصاً بعد ارتفاع عدّاد الوباء وتخطّي الإصابات رقم الألف يومياً.
الصبيّة توفّيت في طرابلس، وتبيّن أنّها كانت حاملاً وتعاني من ضعف مناعة، إلا أنّ حالتها عادت لتسلّط الضّوء على وفيات كورونا، وعلى المرحلة العمريّة لنزلاء غرف العناية الصحيّة، ليتبيّن بحسب الأرقام الموجودة حالياً، أنّ الوباء لا يصيب كبار السنّ فحسب، وأنّ ثمّة شباب على أسرّة العناية بعضهم حالته الصحيّة تدعو إلى القلق.
في مستشفى الحريري، الوضع غير مطمئن، غرف العناية ممتلئة، وبعض المرضى يضطرّون إلى الانتظار في غرف الطوارىء، ريثما يفرغ سرير في غرفة العناية الفائقة.
-الإصابات بين الشباب مخيفة
رئيس قسم العناية الفائقة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي د.محمود حسون يؤكّد في اتصال مع “أحوال”، أنّ نزلاء العناية في المستشفى تتراوح أعمارهم بين الـ30 والـ88 عاماً.
يقول “ثمّة فئات عمرية شابة لكنّ حالها الصحيّة صعبة، لدينا شاب عمره 31 عاماً، موجود في غرفة العناية منذ شهر نتيجة التهابات حادّة في الرّئتين، جرّبنا معه كل أنواع العلاجات، لكن للأسف لم نشهد أي تحسناً على وضعه الصحّي”.
ويؤكّد د. حسون، أنّ على الناس أن يعوا حقيقة أن “كورونا” لا يصيب كبار السنّ فحسب، بل يصيب الشباب أيضاً وهو واقع نعيشه، يقول “الفيروس يصيب الشباب، وقد يؤدّي إلى تدهور حالتهم الصحيّة، وهذا واقع لمسناه ليس في لبنان فحسب، بل في كلّ دول العالم. كورونا ليس مرضاً يصيب كبار السنّ فحسب”.
ويشير د. حسون إلى وجود 27 مريضاً في غرفة العناية المركّزة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي الحكومي، خمسة منهم أعمارهم أقلّ من خمسين عاماً، والباقون أكثر من ستين.
ويتابع “هذا أمر مخيف جداً، والمخيف أكثر، أنّ المرضى يأتون إلى المستشفى بعد أن يكونوا قد بلغوا مرحلة متقدّمة جداً من المرض، وليس في بدايته لأسباب متعدّدة، منها أنّ الشباب يشعرون بضيق النّفس في وقت متأخّر أكثر من كبار السّن، ما يجعلهم يقصدون المستشفى بعد أن يتقدّم بهم المرض، ومنهم من قصد أكثر من مستشفى ولم يجد سريراً، أو لم تستقبله المستشفى لأنّها أصلاً لا تستقبل مرضى كورونا”.
-تحذير… توجّهوا إلى المستشفى فوراً
ويوجّه د. حسن حسون تحذيراً إلى المصابين، بضرورة الخضوع للعلاج قبل أن تسوء حالهم، خصوصاً عندما يتعرّضون لضيف في التنفّس، يقول “الشاب الموجود في العناية منذ شهر، أحضر إلى المستشفى بعد أن كان الأوكسيجين لديه قد هبط إلى الـ50 بالمئة، وهذا أمر خطير جداً، ومنذ شهر نحاول علاجه ولا يتجاوب جسمه مع العلاج”.
وعن نزلاء العناية الذين يحتاجون إلى أنابيب للتنفس الصناعي يقول “نعطيهم منوّماً حتى لا يتعذّبون على آلة التنفّس”.
هل شهد الفيروس تحوّراً mutation، سبّبت ارتفاع أعداد المصابين في كل دول العالم، أم أنّه هو نفسه الفيروس الذي هاجمنا في شباط الماضي؟
يقول الدكتور حسون إنّ الفيروس لو كان شهد تحوّراً، لكنا رأينا طرقاً أخرى للإصابة بالعدوى وعوارض أخرى، ويؤكّد أن ارتفاع أعداد الوفيات والحالات الحرجة سببها ارتفاع أعداد الإصابات.
ويؤكّد أنّ الإصابات كانت قليلة في الشّتاء الماضي، بسبب فعالية الحجر المنزلي، حيث سيطر لبنان على تفشّي الوباء، وكانت الوفيات لغاية شهر أيار الماضي 15 حالة فقط.
-الأرقام أعلى بكثير من المعلن
ويعتقد د. حسون أنّ عدد 1200 لوفيات كورونا لا يعكس الواقع الصحيح لتفشّي المرض، وأنّ الأرقام أعلى بكثير لأسباب عدّة منها أنّ البعض يصاب بكورونا ويعتقد أنّه رشح عادي فلا يجري فحص PCR، كما أنّ ثمّة أشخاص في الأرياف لا يجرون الفحوصات.
وعن إمكانية أن نكون قد أصبنا بكورونا وشفينا دون أن نعرف أنّنا كنا مصابين يقول د. حسون “هذا الأمر وارد، أحياناً نجري فحصاً لشخصٍ ما يريد السّفر إلى الخارج، ويفاجىء هو نفسه بأنّه يحمل الفيروس، علماً أنّه لا يحمل أيّة عوارض للإصابة”.
وعن زيادة عدد الفحوصات، يرى الطبيب أنّ لا داعٍ لها ويقول “لنكون صريحين، لا يوجد أيّ داعٍ لأن نجري هذا العدد من الفحوصات، ثمّة تفشٍّ للفيروس في لبنان، ولا يوجد هناك أي خطّة من قبل الدّولة لتشديد الإجراءات، ولا من قبل المواطن الذي لا يلتزم بأي إجراء من إجراءات الوقاية”.
ويؤكّد د. حسن أنّنا ” نلحق الفيروس وليس هو من يلحقنا لذا السؤال لماذا نجري كل هذه الفحوص؟ ما الهدف؟ هذه هي الفكرة، فعدد الفحوصات الهائل يفيد عندما يكون ثمّة خطّة لاحتواء التفشّي، فتقوم الدّولة بتكثيف الفحوصات لالتقاط مصادرها، أمّا في لبنان، فلدينا تفشّياً للفيروس في المجتمع، فعدد 1200 إصابات، مؤشّر إلى أنّ هؤلاء المصابين لم يكونوا يلازمون منازلهم، بالتالي لا أحد يستطيع أن يتعقّب مخالطيهم”.
-الأطفال لا ينقلون العدوى
ما الحل؟ يقول د. حسون “الحل أن تقوم الدّولة بواجباتها من خلال إرغام المستشفيات على استقبال مرضى كورونا، وأنّ تكون هذه مسألة وطنيّة وليست مجرّد مسألة طبيّة، وأن تكون المستشفيات على دراية وتقوم بواجباتها الوطنية، فلو فتحت كل مستشفى عشرة بالمئة من سعتها الاستيعابيّة لمرضى كورونا لن يكون لدينا أي مشكلة”.
في لبنان بحسب د. حسون، ثمة 450 مريض كورونا داخل المستشفيات و120 في غرفة العناية الفائقة والباقون كلّهم في منازلهم.
وفي ظلّ تفشّي الوباء يبقى السّؤال عن صوابيّة فتح المدارس، وتعريض الطلاّب لخطر الإصابة، ولدكتور حسون رأي آخر، مستنداً إلى دراسة أسترالية، أكّدت أنّ الأطفال لا ينقلون العدوى، وإن أصيبوا بالفيروس تكون إصابتهم خفيفة، وأنّ فيروس أنفلونزا الخنازير لدى الأطفال معدٍ أكثر من كورونا.
ومع شكوى الأهل من التدريس أونلاين، يقول د. حسون إنّه في حال فتحت المدارس، لا يمانع في إرسال أولاده إلى المدرسة، مشدداً على أن المدارس ينبغي أن تكون واعية تجاه المعلمين والموظّفين الأكثر عرضة لالتقاط الفيروس من الأطفال.
ويؤكّد أنّ ثمة طفلة واحدة توفيت في لبنان كان عمرها 25 يوماً، وكانت تعاني من مرضٍ في القلب، وكانت حالتها حرجة.
كما يشدّد على ضرورة أن يرتدي الأطفال الكمّامة ويلتزمون بالتباعد الاجتماعي، وبكل سبل الوقاية في حال فتحت المدارس أبوابها.
إيمان إبراهيم